ﺑﺴــــﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺇﻧّﻬﻢ ﻓﺘﻴﺔ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﺑﺮﺑﻬﻢ ﻭﺯﺩﻧﺎﻫﻢ
ﻫــــﺪﻯ ,,
ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 106 ﺑﻌﺪَ ﻣﻴﻼﺩِ ﺍﻟﺴﻴﺪِ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴّﻼﻡ . . ﺍﺟﺘﺎﺣَﺖ
ﺍﻟﺠﻴﻮﺵُ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﻴﺔُ ﺑﻼﺩَ ﺍﻷُﺭﺩﻥّ ، ﺣﻴﺚ ﺗَﻨﻬﺾُ ﻣﻤﻠﻜﺔُ ﺍﻷﻧﺒﺎﻁ.
ﻭ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭُ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﻲ « ﺗﺮﺍﺟﺎﻥ » ﻭَﺛَﻨﻴّﺎً ﻣُﺘَﻌﺼّﺒﺎً ، ﻓﺮﺍﺡَ
ﻳُﻄﺎﺭِﺩُ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦَ ﺧﺎﺻّﺔً ﺃﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴّﻼﻡ .
ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻭﺍﻷﺭﺩﻥ ﻗﺒﻞَ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻤﻠﺔِ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ
ﺗَﺘﻤﺘّﻊُ ﺑﻨﻮﻉٍ ﻣﻦ ﺍﻟﺤُﻜﻢ ﺍﻟﺬﺍﺗﻲ ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ « ﺭُﻭﻣﺎ » ﺗﻜﺘﻔﻲ
ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺑﺪﻓﻊِ ﺍﻟﻀﺮﺍﺋﺐ . ﻭﻳَﻌﻮﺩُ ﺳﺒﺐُ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻰ ﺿﺂﻟﺔِ
ﺍﻟﻘﻮّﺍﺕِ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﻴّﺔ ﻓﻴﻬﺎ.
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺟﺎﺀﺕ ﺍﻟﺤﻤﻠﺔُ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻟﻴﺴﺘﻜﻤﻞَ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻥُ ﺍﺣﺘﻼﻟَﻬﻢ
ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ، ﻭﺇﺧﻀﺎﻋﻬﺎ ﻟﺤﻜﻢ ﺭﻭﻣﺎ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ.
ﻭﻓﻲ ﺳﻨﺔ 112 ﻣﻴﻼﺩﻳﺔ ﺃﺻﺪَﺭَ ﺍﻷﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭُ ﺗﺮﺍﺟﺎﻥ ﻣﺮﺳﻮﻣﺎً ﻳﻘﻀﻲ
ﺑﺄﻥّ ﻛﻞ ﻋِﻴﺴَﻮﻱ ﻳَﺮﻓُﺾُ ﻋﺒﺎﺩﺓَ ﺍﻵﻟﻬﺔ ﺳﻮﻑ ﻳُﺤﺎﻛَﻢ ﻛﺨﺎﺋﻦٍ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ،
ﻭﺍﻧّﻪ ﺳَﻴُﻌﺮِّﺽُ ﻧﻔﺴَﻪ ﻟﻠﻤﻮﺕ.
ﻓﻴﻼﺩﻟﻔﻴﺎ
ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥِ ﻛﺎﻧﺖ ﻋَﻤّﺎﻥُ ﺗُﺪﻋﻰ « ﻓِﻴﻼﺩﻟﻔﻴﺎ » ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻣﺪﻳﻨﺔً
ﺟﻤﻴﻠﺔ ، ﻭﻟﻜﻦّ ﺍﻟﺘﻤﺎﺛﻴﻞَ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗُﺰﻳّﻦُ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ، ﻟﻢ ﺗَﻜُﻦ ﻟﻠﺰﻳﻨﺔِ
ﻓﻘﻂ ، ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺗُﻌﺒَﺪُ ﻛﺂﻟﻬﺔٍ ﻣِﻦ ﺩﻭﻥِ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ .
ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺗِﻤﺜﺎﻝُ ﻟـ « ﺃﺛﻴﻨﺎ » ﺇﻟﻬﺔِ ﺍﻟﺤﺮﺏ؛ ﺣﻴﺚ ﺗُﻤﺴِﻚُ ﺑﺤَﺮﺑﺔٍ ﻓﻲ ﻳﺪِﻫﺎ
ﺍﻟﻴُﻤﻨﻰ ﻭ ﺗَﺤﺘَﻤﻲ ﺑِﺘِﺮﺱٍ ﻓﻲ ﻳﺪِﻫﺎ ﺍﻟﻴُﺴﺮﻯ . ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺃﻳﻀﺎً ﺗِﻤﺜﺎﻝُ «
ﺗﺎﻳﻜﻲ » ﺃﻭ ﺇﻟﻬﺔ ﺍﻟﺤﻆ ﻭﺣﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ! ﻭﻫﻮ ﺍﻵﻥ ﻓﻲ ﻣﺘﺤﻒ
ﺍﻵﺛﺎﺭ ﻓﻲ ﻋَﻤّﺎﻥ!
ﻭﺍﻟﻰ ﺍﻟﺸﺮﻕِ ﻭﺍﻟﺠَﻨﻮﺏِ ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ ﻣﻦ ﻋَﻤّﺎﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺗَﻨﻬﺾُ « ﻓﻴﻼﺩﻟﻔﻴﺎ
» ، ﻭﻗﺪ ﻭَﺻَﻠﺖ ﺁﻧﺬﺍﻙَ ﺍﻟﻰ ﺃﻭﺝِ ﺗَﻤﺪُّﻧِﻬﺎ ﺍﻟﻤﺎﺩّﻱ. ﺃﻣّﺎ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ ﻓﻘﺪ
ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥَ ﺧﺎﺋﻔﻴﻦَ ، ﺧﺎﺻّﺔً ﺑﻌﺪ ﺃﻥِ ﺍﺣﺘَﻠَّﺖِ ﺍﻟﻘﻮّﺍﺕُ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﻴﺔُ
ﻓﻲ ﻋﻬﺪِ « ﺗﺮﺍﺟﺎﻥ » ﺍﻟﺒﻼﺩَ ، ﻭ ﻓَﺮَﺿَﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺣُﻜﻤﺎً ﻣﺒﺎﺷﺮﺍً.
ﺃﺻﺪﺭ ﺗﺮﺍﺟﺎﻥ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 112ﻡ ﻣَﺮﺳُﻮﻣَﻪُ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭِ ﺟﻤﻴﻊِ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ
ﺧَﻮَﻧﺔً ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ! ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﻳُﺨﻴَّﺮ ﺑﻴﻦَ ﻋﺒﺎﺩﺓِ ﺍﻵﻟﻬﺔِ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻮﺕ!
ﺍﻟﻔِﺘْﻴﺔُ ﺍﻟﺴَّﺒﻌﺔ
ﻛﺜﻴﺮﻭﻥ ﻫُﻢُ ﺍﻟﺬﻳﻦَ ﺧﺎﻓُﻮﺍ ، ﻭﺗَﻈﺎﻫَﺮﻭﺍ ﺑﻌﺒﺎﺩِﺓ ﺁﻟﻬﺔِ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻥ ، ﻭَﺑَﺪﺃﺕ
ﻟِﺠﺎﻥُ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔِ ﺑﺎﻟﺘﺤﻘﻴﻖِ ﻭﺍﻟﺘﻔﺘﻴﺶِ ﻓﻲ ﻋﻘﺎﺋﺪِ ﺃﻫﻞِ ﺍﻟﺒﻼﺩ ، ﻓﻌﺎﺵَ
ﺍﻟﻨﺎﺱُ ﻓﻲ ﺧَﻮﻑِ ﻭﻗَﻠَﻖ ، ﻭﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻋﺎﺵَ ﻓِﺘﻴَﺔٌ ﺳﺒﻌﺔٌ ، ﺫﻛﺮَ
ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦُ ﺍﺳﻤﺎﺀﻫﻢ ﻛﻤﺎ ﻳﻠﻲ :
1 ـ ﻣﺎﻛﺲ ﻣﻴﻠﻴﺎﻧﻮﺱ .
2 ـ ﺍﻣﻠﻴﺨﻮﺱ.
3 ـ ﻣﻮﺗﻴﺎﻧﻮﺱ .
4 ـ ﺩﺍﻧﻴﻮﺱ.
5 ـ ﻳﺎﻧﻴﻮﺱ.
6 ـ ﺍﻛﺴﺎ ﻛﺪﺛﻮ ﻧﻴﺎﻧﻮﺱ.
7 ـ ﺍﻧﺘﻮﻧﻴﻮﺱ.
ﻋﺎﺵ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻔِﺘﻴﺔُ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥَ ﻓﻲ ﺣَﻴﺮﺓٍ: ﻣﺎﺫﺍ ﻳَﻔﻌﻠﻮﻥ؟ ﻣﺎﺫﺍ
ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻣَﻮﻗِﻔُﻬﻢ؟
ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺃﻣﺎﻣَﻬُﻢ ﺳﻮﻯ ﻃﺮﻳﻘَﻴﻦ: ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺃﻭ ﺍﻟﻜُﻔﺮ .
ﻭﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕِ ﺍﻟﻤﺼﻴﺮﻳﺔِ .. ﺍﺗَّﺨﺬﻭﺍ ﻗَﺮﺍﺭﺍً ﻣﺼﻴﺮﻳﺎً ﻫﻮ ﺍﻟﻔﺮﺍﺭُ
ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔِ ، ﻭﻟﻜﻦْ ﻛﻴﻒ؟
ﻓﻲ ﻓﺠﺮِ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡِ. . ﻭﻓﻴﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻟِﺠﺎﻥُ ﺍﻟﺘﻔﺘﻴﺶِ ﺗُﻄﺎﺭِﺩُ
ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦَ. . ﺭﺃﻯ ﺃﺣﺪُ ﺍﻟﺤُﺮّﺍﺱ ﺳﺒﻌﺔَ ﺭﺟﺎﻝٍ ﻭﻣﻌﻬﻢ ﻛﻠﺐٌ ﻳُﻐﺎﺩِﺭﻭﻥَ
ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ .
ﺳﺄﻝ ﺍﻟﺤﺎﺭﺱُ :
ـ ﺍﻟﻰ ﺃﻳﻦ ؟
ﺃﺟﺎﺏَ ﺃﺣﺪُﻫﻢ :
ـ ﺇﻧﻨﺎ ﻧَﻘﻮﻡُ ﺑﺮِﺣﻠﺔٍ ﻟﻠﺼَّﻴﺪ.
ﻗﺎﻝَ ﺍﻟﺤﺎﺭﺱُ:
ـ ﺣَﺴَﻨﺎً ، ﻭﻟﻜﻦْ ﻳَﺠﺐُ ﺃﻥ ﺗَﻌﻮﺩﻭﺍ ﻟﻼﺷﺘِﺮﺍﻙِ ﻓﻲ ﺍﻻﺣﺘِﻔﺎﻝِ ﺍﻟﺮﺳﻤﻲ .
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﻬﻒ
ﺍﺗَّﺠَﻪ ﺍﻟﻔِﺘﻴﺎﻥُ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔُ ـ ﻭﻣﻌﻬﻢ ﻛَﻠﺒُﻬﻢ ـ ﺷَﺮﻗﺎً ﺍﻟﻰ ﻛﻬﻒٍ ﻋﻠﻰ ﺑُﻌﺪ
ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮﺍﺕ ، ﺑﺎﻟﻘﺮﺏِ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺔٍ ﺗُﺪﻋﻰ « ﺍﻟﺮَّﻗﻴﻢ ».
ﻭَﺻَﻞَ ﺍﻟﻔِﺘﻴﺔُ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔِ ﺍﻟﺠﺒﻠﻴﺔِ ، ﻭﺭﺍﺣﻮﺍ ﻳَﺘﺴﻠّﻘﻮﻥَ ﺍﻟﻤُﺮﺗَﻔﻌﺎﺕِ
ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻬِﻢ ﺍﻟﻰ ﻛﻬﻒٍ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻗﺪ ﺍﺧﺘﺎﺭﻭﻩ ﻣِﻦ ﻗَﺒﻞ.
ﻳَﻘَﻊُ ﺍﻟﻜﻬﻒُ ﻓﻲ ﺍﻟﺴَّﻔﺢِ ﺍﻟﺠَﻨﻮﺑﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺒﻞ ، ﻛﺎﻥ ﻛﻬﻔﺎً ﻓﺮﻳﺪﺍً ﻓﻲ
ﻣَﻮﻗِﻌﻪ؛ ﻓﻬﻮ ﻣُﻌﺘﺪِﻝُ ﺍﻟﺠَﻮّ ﺑﺴﺐِ ﻭﺟﻮﺩِ ﻓَﺘﺤﺘَﻴﻦِ ﻓﻲ ﺟﺎﻧِﺒَﻴﻪِ ﺍﻷﻳﻤَﻦِ
ﻭﺍﻷﻳﺴَﺮ ، ﺃﻣﺎ ﺑﺎﺑُﻪ ﻓﻬﻮ ﻳﻘﺎﺑﻞُ ﺍﻟﻘﻄﺐَ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻲَّ ﻟﻸﺭﺽِ . ﻭﻓﻲ ﺩﺍﺧﻞِ
ﺍﻟﻜﻬﻒ ﻓَﺠﻮﺓٌ ﺗَﺒﻠُﻎ ﻣﺴﺎﺣﺘُﻬﺎ ( 5 / 7 ) ﻣﺘﺮ ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥُ ﺍﻟﺬﻱ ﻗَﺮَّﺭ
ﺍﻟﻔِﺘﻴﺔُ ﺍﻻﺳﺘﻔﺎﺩﺓَ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﺧﺘِﺒﺎﺋﻬﻢ.
ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻜﺮﺓُ ﺍﻟﻔِﺘﻴﺔِ ﻫﻲ ﺍﻋﺘﺰﺍﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱِ ﻭﺍﻻﺧﺘﺒﺎﺀ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ،
ﻭﺍﻧﺘﻈﺎﺭ ﺭﺣﻤﺔِ ﺍﻟﻠﻪ .
ﻟﻢ ﻳَﻜُﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﻣِﻦ ﺃﻣﻞٍ ﻓﻲ ﺍﻻﻧﺘِﺼﺎﺭِ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻥِ ﺍﻟَﻮَﺛﻨﻴِّﻴﻦ.
ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻬﻢ ﻳَﺮﻓُﻀﻮﻥَ ﺑﺸﺪّﺓٍ ﻋﺒﺎﺩﺓَ ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ؛ ﻭﻋﻘﻴﺪﺗُﻬﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﻮ ﺭﺏُّ
ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕِ ﻭﺍﻷﺭﺽِ ، ﻭﺃﻥ ﻋﺒﺎﺩﺓَ ﺗﻠﻚ ﺍﻵﻟﻬﺔِ ﻫﻮ ﺍﻓﺘﺮﺍﺀٌ ﻋﻠﻰ ﺃﻛﺒﺮِ
ﺣﻘﻴﻘﺔٍ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ.
ﻛﺎﻥَ ﺍﻟﻨﺎﺱُ ﻓﻲ ﺫﻟﻚِ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥِ ﻻ ﻳَﻌﺘَﻘِﺪﻭﻥَ ﺑﻴﻮﻡِ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ؛ ﻛﺎﻧﻮﺍ
ﻳَﺘﺼﻮّﺭﻭﻥَ ﺃﻥّ ﺭﻭﺡَ ﺍﻻﻧﺴﺎﻥِ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳَﻤﻮﺕُ ﺗَﻨﺘﻘﻞُ ﺍﻟﻰ ﺇﻧﺴﺎﻥٍ ﺁﺧﺮَ ﺃﻭ
ﺗَﺤِﻞُّ ﻓﻲ ﺣَﻴﻮﺍﻥ !
ﺍﻟﻨَّﻮﻡُ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ
ﻭَﺻَﻞ ﺍﻟﻔِﺘﻴﺔُ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻜﻬﻒِ. . ﻣُﺘﻌَﺒﻴﻦ ، ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﻗَﻠِﻘﻴﻦَ ﻣِﻦ ﺃﻥ ﻳُﻄﺎﺭِﺩَﻫُﻢُ
ﺍﻟﺠﻨﻮﺩُ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻥُ ﻭَﻳﻜﺘﺸِﻔﻮﺍ ﻣَﺨﺒﺄﻫُﻢ .
ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣُﺘﻌَﺒﻴﻦ ﻷﻧﻬُﻢ ﻟَﻢ ﻳﻨﺎﻣﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔِ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔِ؛ ﻟﻬﺬﺍ ﺷﻌﺮﻭﺍ
ﺑﺎﻟﻨُّﻌﺎﺱِ ﻳُﺪﺍﻋِﺐُ ﺃﺟﻔﺎﻧَﻬُﻢ ﻓﻨﺎﻣﻮﺍ ﻭﻫﻢ ﻳَﺤﻠُﻤﻮﻥَ ﺑِﻐَﺪٍ ﺃﻓﻀَﻞ.
ﺍﻟﻠﻪُ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ـ ﻭﻣِﻦ ﺃﺟﻞِ ﺃﻥ ﻳُﺠَﺴِّﺪ ﻗُﺪﺭﺗَﻪُ ﻓﻲ ﺑَﻌﺚِ ﺍﻟﻤﻮﺗﻰ ، ﻭﻣِﻦ
ﺃﺟﻞِ ﺃﻥ ﻳُﻌﺮِّﻑَ ﺍﻟﻨﺎﺱَ ﻗﺪﺭﺗَﻪ ، ﻭﺃﻧﻪ ﻫﻮ ﻭﺣﺪَﻩُ ﻣﺼﺪﺭُ ﺍﻟﻌِﻠﻢ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭﺓِ ـ
ﺃﻟﻘﻰ ﻋﻠَﻴﻬِﻢ ﻧَﻮﻣﺎً ﺛَﻘﻴﻼً .
ﻛَﻢ ﻣِﻦ ﺍﻟﻮﻗﺖِ ﻇَﻠّﻮﺍ ﻧﺎﺋﻤﻴﻦ؟ ﻟﻘﺪ ﺍﺳﺘَﻤﺮّ ﻧَﻮﻣُﻬﻢ ﺃﻳﺎﻣﺎً ﻃﻮﻳﻠﺔً ..
ﻭﻛﺎﻧَﺖِ ﺍﻟﺸﻤﺲُ ﺗُﺸﺮِﻕُ ﻭﺗَﻐﻴﺐُ ﻭﻫﻢ ﻧﺎﺋﻤﻮﻥ.
ﻛﺎﻧﺖ ﻣَﻔﺎﺭِﺯُ ﺍﻟﺠُﻨﻮﺩِ ﺗَﺒﺤَﺚُ ﻋﻨﻬﻢ ﻓﻲ ﻛﻞِّ ﻣﻜﺎﻥ؛ ﻭﻟﻜﻦْ ﺩُﻭﻥَ ﺟَﺪﻭﻯ.
ﺃﺻﺒَﺤﻮﺍ ﺣﺪﻳﺚَ ﺃﻫﻞِ ﺍﻟﺒﻼﺩِ ، ﻟﻘﺪِ ﺍﺧﺘﻔﻰ ﺍﻟﻔﺘﻴﺔُ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔُ ﻓﻲ ﺭِﺣﻠﺔٍ
ﻟﻠﺼﻴﺪِ ﻭﻟﻢ ﻳَﻌﺜُﺮْ ﻋﻠﻴﻬِﻢ ﺃﺣﺪٌ!
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺗَﻤﺮُّ ﺍﻷﻋﻮﺍﻡُ ﺗِﻠْﻮَ ﺍﻷﻋﻮﺍﻡ ، ﻭﻻ ﺃﺣﺪٌ ﻳَﻌﺮِﻑُ ﻣﺎ ﻳَﺠﺮﻯ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ
ﺍﻟﻜﻬﻒ.
ﺍﻟﻜﻠﺐُ ﺑﺎﺳﻂٌ ﺫِﺭﺍﻋَﻴﻪِ ﻓﻲ ﺑﺎﺏِ ﺍﻟﻜﻬﻒِ ، ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘَﺴﻠﻢَ ﻟﻨﻮﻡٍ ﺛﻘﻴﻞٍ
ﻃﻮﻳﻞ.
ﻛﺎﻥَ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀُ ﻣُﻌﺘﺪﻻً ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻞِ ﺍﻟﻜﻬﻒ ، ﻷﻥ ﺑﺎﺑَﻪُ ﻛﺎﻥ ﻳُﻮﺍﺟِﻪُ ﺍﻟﻘﻄﺐَ
ﺍﻟﺠَﻨﻮﺑﻲ ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥّ ﻭﺟﻮﺩَ ﻓَﺘﺤﺘَﻴﻦِ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺒَﻴﻪِ ﻗﺪ ﻣَﻜّﻦَ ﻟﻨﻮﺭِ
ﺍﻟﺸﻤﺲِ ﻣﻦ ﺇﻟﻘﺎﺀِ ﺃﺷﻌّﺔِ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡِ ﺩﺍﺧﻞَ ﺍﻟﻜﻬﻒِ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻋﻨﺪَ ﺍﻟﻐﺮﻭﺏ.
ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻧﺎﺋﻤﻴﻦ ﻻ ﻳَﻌﻠﻤﻮﻥَ ﺑﻤﺎ ﻳَﺠﺮﻱ .. ﻟﻘﺪ ﻣَﺮَّﺕ ﻋَﺸَﺮﺍﺕُ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ ﻭﻫﻢ
ﻧﺎﺋﻤﻮﻥ.
ﻟﻮ ﻗُﺪِّﺭ ﻟﺮﺍﻉٍ ﺃﻥ ﻳَﻌﺜُﺮَ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻬﻒِ ﺃﻭ ﻗُﺪِّﺭَ ﻟﻤﺴﺎﻓﺮٍ ﺃﻥ ﻳﺄﻭﻱ ﺍﻟﻴﻪ ﻋﻨﺪ
ﻫُﻄﻮﻝِ ﺍﻟﻤَﻄﺮ ، ﻓﺈﻧﻪ ﺳﻮﻑَ ﻳَﻬﺮﺏُ ﻭﻫﻮ ﻳﺮﻯ ﻣَﻨﻈﺮﺍً ﻣُﺨﻴﻔﺎً ، ﻟﻤﺎﺫﺍ؟
ﻷﻧﻪ ﺳَﻴﺮﻯ ﺭِﺟﺎﻻً ﻣَﻔْﺘﻮﺣﻲ ﺍﻷﻋﻴُﻦِ ﻳُﺒَﺤﻠِﻘﻮﻥَ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍِ ، ﻭﻳﺮﻯ ﻛﻠﺒﺎً
ﻣﻦ ﻛﻼﺏِ ﺍﻟﺼَّﻴﺪ ﻫﻮ ﺍﻵﺧَﺮُ ﺟﺎﻣﺪٌ ﻛﺎﻟﺘِّﻤﺜﺎﻝ !
ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻏﺎﺭﻗﻴﻦَ ﻓﻲ ﻧﻮﻡٍ ﻋﻤﻴﻖٍ ﺑﻼ ﺃﺣﻼﻡ.
ﻭﻟﻜﻦْ .. ﻣﺎﺫﺍ ﻳﺠﺮﻱ ﺧﺎﺭﺝَ ﺍﻟﻜﻬﻒ؟ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﺠﺮﻱ ﻟﻠﻤﺪﻥِ ﻭﺍﻟﻘُﺮﻯ ﻓﻲ
ﺍﻟﺒﻼﺩ؟
ﻣﻮﺕ ﺗﺮﺍﺟﺎﻥ
ﻣﺎﺕ ﺍﻷﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭُ « ﺗﺮﺍﺟﺎﻥ » ، ﻭﺟﺎﺀ ﺑﻌﺪَﻩُ ﺃﺑﺎﻃِﺮﺓٌ ﺁﺧَﺮﻭﻥَ . ﻭﻣﺎﺕَ
ﺃﻳﻀﺎً ﺍﻷﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭُ « ﺩِﻗﻴﺎﻧُﻮﺱ » ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻜﻢَ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ 285 ﺍﻟﻰ 305
ﻡ .
ﻭﺧﻼﻝَ ﺗﻠﻚَ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓِ ﺳَﻘَﻄﺖ « ﺗَﺪْﻣُﺮ » ﺳﻨﺔَ 110ﻡ ، ﺛﻢ ﺍﺳﺘﻌﺎﺩَﺕ
ﻫَﻴﺒﺘَﻬﺎ ﻟِﺘَﺴﻘُﻂَ ﻧﻬﺎﺋﻴﺎً ﺳﻨﺔ 272ﻡ ﺣﻴﺚُ ﻗﻀﻰ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻥُ ﻋﻠﻰ «
ﺯَﻧَﻮﺑْﻴﺎ » ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻌﺪَ ﺣﺮﻭﺏٍ ﻣُﺪﻣِّﺮﺓ.
ﺍﻟﻤَﻠِﻚُ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ
ﻭﻓﻲ ﺳﻨﺔ « 408ﻡ » ﺍﻋﺘﻠﻰ ﺍﻷﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭُ « ﺛﻴﻮﺩﻭﺳﻴﻮﺱ » ﻋﺮﺵَ
ﺭُﻭﻣﺎ ، ﻭﻫﻮ ﺍﻷﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭُ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻋﺘَﻨَﻖ ﺍﻟﺪِّﻳﻦَ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲَّ ﻟِﺘُﺼﺒِﺢَ
ﺃﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺔُ ﺭﻭﻣﺎ ﻣﺴﻴﺤﻴّﺔ .
ﻭﻓﻲ ﺳﻨﺔ 412ﻡ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪُ ﺃﻥ ﺗَﺘﺠﻠّﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ، ﻭﺃﻥ ﺗَﻈﻬﺮَ ﻗُﺪﺭﺗُﻪ
ﻟﻠﻨﺎﺱِ ﺭﺣﻤﺔً ﻣﻨﻪ.
ﻛﺎﻥَ ﻗﺪ ﻣَﺮّ ﻋﻠﻰ ﻫُﺮﻭﺏِ ﺍﻟﻔﺘﻴﺔِ ﺍﻟﺴﺒﻌِﺔ ﺛﻼﺛﺔُ ﻗُﺮﻭﻥ .
ﻓﻤﺎﺫﺍ ﺣَﺼﻞَ ﺩﺍﺧﻞَ ﺍﻟﻜﻬﻒِ ﻳﺎ ﺗُﺮﻯ؟
ﻧَﺒﺢَ ﺍﻟﻜﻠﺐُ « ﻛﻮﺗﻤﻴﺮﻭﻥ » ، ﻭﺍﺳﺘَﻴﻘﻆَ ﺍﻟﻔِﺘﻴﺔُ ﻣﻦ ﺃﻃﻮَﻝِ ﻧﻮﻡٍ ﻓﻲ
ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ .
ﺗﺴﺎﺀﻝَ ﺃﺣﺪُﻫُﻢ ﻗﺎﺋﻼً ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳَﻈُﻦُّ ﺃﻧَﻬﻢ ﻧﺎﻣﻮﺍ ﻋِﺪّﺓَ ﺳﺎﻋﺎﺕٍ ﻓﻘﻂ :
ـ ﻛَﻢ ﻧِﻤْﺘُﻢ ﻣِﻦ ﺍﻟﻮﻗﺖ؟
ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﺎ ﻳَﺰﺍﻟﻮﻥَ ﻳَﺸﻌُﺮﻭﻥَ ﺑﺎﻟﻨُّﻌﺎﺱِ ، ﻭﺭﺃﻭﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻤﺲَ ﻗﺪ ﺟَﻨَﺤَﺖ
ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻐﺮﻭﺏِ ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺃﺷِﻌّﺘُﻬﺎ ﺍﻟﺬﻫﺒﻴﺔُ ﺗَﻐﻤُﺮُ ﺟﺎﻧﺒﺎً ﺻﻐﻴﺮﺍً ﻋﻠﻰ ﺟﺪﺍﺭِ
ﺍﻟﻜﻬﻒ.
ﻟﻬﺬﺍ ﻇَﻦَّ ﺑﻌﻀُﻬﻢ ﺃﻧَﻬﻢ ﻧﺎﻣُﻮﺍ ﻳَﻮﻣﺎً ﻛﺎﻣﻼً ، ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳَﻈُﻨّﻮﻥَ ﺃﻧَﻬﻢ ﺃﻣﻀَﻮﺍ
ﺍﻟﻠﻴﻞَ ﻛﻠَّﻪ ﻧﻴﺎﻣﺎً ﺩﻭﻥَ ﺃﻥ ﻳَﺸﻌُﺮﻭﺍ ﺑﻐﺮﻭﺏِ ﺍﻟﺸﻤﺲِ ، ﺛُﻢ ﺷُﺮﻭﻗِﻬﺎ ،
ﻭﻫﺎﻫﻲ ﺗَﻐﺮُﺏ ﺍﻵﻥ. ﻟﺬﻟﻚَ ﻗﺎﻟﻮﺍ:
ـ ﻧُﻤﻨﺎ ﻳﻮﻣﺎً ﺃﻭ ﺑﻌﺾَ ﻳﻮﻡ !
ﺑﻌﻀُﻬﻢ ﻗﺎﻟﻮﺍ:
ـ ﺭﺑُّﻜُﻢ ﺃﻋﻠَﻢُ ﺑﻤﻘﺪﺍﺭِ ﻣﺎ ﻟﺒﺜﺘﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻬﻒ ..
ﺍﻟﻠﻪُ ﻭﺣﺪَﻩُ ﺍﻟﺬﻱ ﻳَﻌﻠَﻢُ ﻛﻢ ﺍﺳﺘَﻤﺮّ ﻧَﻮﻣُﻜﻢ ، ﺍﻟﻠﻪُ ﻭﺣﺪَﻩُ ﺍﻟﺬﻱ ﻳَﻌﻠَﻢُ ﺑﻤﺎ
ﻫﻮ ﻣَﺤﺠﻮﺏٌ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻔﺲِ ، ﻓﺎﻻﻧﺴﺎﻥُ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﺎﻡُ ﻳَﻨﻘﻄﻊُ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻢ. .
ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻳﻨﺎ. .
ﻟَﻮ ﺍﻓﺘَﺮَﺿﻨﺎ ﺃﻥّ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎً ﻧﺎﻡَ ﻓﻲ ﺃﻭّﻝِ ﺍﻟﺨﺮﻳﻒِ ﺛﻢّ ﺍﺳﺘَﻴﻘَﻆَ ﻭﺭﺃﻯ
ﺍﻟﺜﻠﻮﺝَ ﻭﺭﺃﻯ ﺍﻷﺷﺠﺎﺭَ ﺑﻼ ﺃﻭﺭﺍﻕٍ ﻻ ﻛَﺘﺸَﻒ ﺃﻧﻪ ﻧﺎﻡَ ﺃﻛﺜﺮَ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔِ
ﺃﺷﻬُﺮ ، ﻟﻤﺎﺫﺍ؟ ﻷﻧﻪ ﻣﻀﻰ ﻓﺼﻞُ ﺍﻟﺨﺮﻳﻒِ ﻭﻫﻮ ﺍﻵﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ.
ﺍﻟﻔﺘﻴﺔُ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔُ ﺃﺳﺘَﻴﻘﻈﻮﺍ ﻭﺭﺃﻭﺍ ﺍﻟﺸﻤﺲَ ﻣﺎﺋﻠﺔً ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﻐﺮﻭﺏ ، ﻟﻢ
ﻳَﻌﺮِﻓﻮﺍ ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻧﺎﻣُﻮﺍ ﻋﺪّﺓَ ﺳﺎﻋﺎﺕٍ ﻓﻘﻂ ﺃﻡ ﻧﺎﻣﻮﺍ ﺃﻛﺜَﺮ. . ﻷﻧﻬﻢ ﻻ
ﻳَﻌﺮﻓﻮﻥَ ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺸﻤﺲُ ﻗﺪ ﻏﺎﺑَﺖ ﺛﻢ ﺃﺷﺮَﻗَﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡِ
ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﻭﻫﺎﻫﻲ ﺗَﻐﻴﺐُ ﻣﺮّﺓً ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻡ ﻻ !
ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﺆﻣﻨﻴﻦَ ﺣَﻘﺎً ، ﻟﻬﺬﺍ ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﺍﻟﻠﻪُ ﻭﺣَﺪُﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﻳَﻌﻠَﻢُ ﻛﻢ ﻧُﻤﻨﺎ ، ﻛﺎﻧﻮﺍ
ﻳَﻈﻨّﻮﻥَ ﺃﻧﻬﻢ ﻧﺎﻣﻮﺍ ﻳﻮﻣﺎً ﻓﻘﻂ ﺃﻭ ﺑﻌﺾ ﻳﻮﻡ!
ﺍﻟﻤُﻬﻤّﺔُ ﺍﻟﺨَﻄﺮﺓ
ﻓﻲ ﺻﺒﺎﺡِ ﺍﻟﻴﻮﻡِ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﺷَﻌَﺮﻭﺍ ﺑﺎﻟﺠُﻮﻉِ ، ﻗﺎﻝَ ﺃﺣﺪُﻫُﻢ ـ ﻭﺃﺧﺮَﺝَ
ﻧُﻘﻮﺩﺍً ﺫﻫﺒﻴﺔ:
ـ ﻟِﻴَﺬﻫَﺐْ ﺃﺣَﺪُﻧﺎ ﺑﻬﺬِﻩ ﺍﻟﻨﻘﻮﺩِ ﻭﻳَﺸﺘَﺮﻱ ﻟﻨﺎ ﻃَﻌﺎﻣﺎً ﻃَﻴّﺒﺎً. . ﻭﻟْﻴَﻜُﻦ ﻋﻠﻰ
ﺣَﺬَﺭٍ ﺗﺎﻡّ ، ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳَﻜﺘَﺸِﻒَ ﺃﺣﺪٌ ﻫﻮﻳَّﺘَﻪ. . ﺇﻧّﻨﺎ ﺇﺫﺍ ﻭَﻗَﻌﻨﺎ ﻓﻲ ﻗَﺒﻀَﺘِﻬﻢ
ﻓﺴﻴﻜﻮﻥُ ﻣَﺼﻴﺮُﻧﺎ ﺍﻟﻤﻮﺕ.
ﻗﺎﻝَ ﺁﺧَﺮ :
ـ ﺣَﻘّﺎً .. ﻟﻘﺪ ﻭَﺿَﻌﻮﺍ ﺣُﻜﻢَ ﺍﻟﺮَّﺟﻢِ ﺑﺎﻟﺤِﺠﺎﺭﺓِ ﻟِﻤﻦَ ﻳُﺪﺍﻥُ ﺑﺮﻓﺾِ ﺍﻵﻟﻬﺔ!
ﻭﻗﺎﻝَ ﺁﺧَﺮ:
ـ ﻭﻗﺪ ﻳَﺠﺒُﺮﻭﻧَﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺠﻮﺩِ ﻟﻶﻟﻬﺔ ..
ﻭﻗﺎﻝَ ﺁﺧَﺮ:
ـ ﻳﺎ ﻟَﻪُ ﻣِﻦ ﻣﺼﻴﺮٍ ﺑﺎﺋﺲٍ ﺇﺫَﻥْ.
ﻓﻲ ﺍﻟﺴُّﻮﻕ
ﺗَﺒَﺮّﻉَ ﺃﺣﺪُ ﺍﻟﻔﺘﻴﺔِ ﺑﺎﻻﻧﻄﻼﻕِ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔِ ﻭﺷﺮﺍﺀِ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡِ ﻣﻦ
ﺍﻟﺴﻮﻕ. .
ﻏﺎﺩَﺭَ ﺍﻟﻜﻬﻒَ ، ﻭﺍﻧﺤَﺪَﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺒﻞِ ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻔﻜّﺮ ﻛﻴﻒَ ﻳَﺪﺧُﻞُ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔَ
ﻭﻛﻴﻒَ ﺳﻴُﺠﻴﺐُ ﺍﺫﺍ ﺳﺄﻟَﻪُ ﺃﺣَﺪٌ ، ﻭﻣﺎﺫﺍ ﻳﻘﻮﻝُ ﻟﻠﺤُﺮّﺍﺱِ ﻭﺍﻟﺠﻨﻮﺩِ
ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻥ ؟!
ﻟﻢ ﻳَﻠﺘَﻔِﺖ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺘَّﻐﻴّﺮﺍﺕِ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺣﺪَﺛَﺘﻬﺎ ﺍﻷﻣﻄﺎﺭُ ﻭﺍﻟﺴُّﻴﻮﻝُ ﻭﺍﻟﺮﻳﺎﺡُ
ﻣﺪّﺓَ ﺛﻼﺛﺔِ ﻗُﺮﻭﻥ ..
ﻛﺎﻥَ ﺧﺎﺋﻔﺎً ﻗَﻠِﻘﺎً ، ﻷﻧّﻪُ ﻟﻢ ﻳَﺬﻫَﺐْ ﻓﻲ ﺭِﺣﻠﺔِ ﻟﻠﺼﻴﺪِ ﺃﻭ ﺍﻟﻨُّﺰﻫَﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ
ﻓَﺮَّﻣﻊ ﺭِﻓﺎﻗﻪِ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻜﻬﻒ . ﻭﻫﺎ ﻫﻮ ﺍﻵﻥَ ﻳَﻌﻮﺩُ ﻟﺸﺮﺍﺀِ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ. ﻣﺎ ﻳَﺰﺍﻝُ
ﻳَﺸﻌﺮُ ﺑﺎﻟﺨَﻮﻑ .
ﺇﻧّﻪ ﻳَﺘﺼَﻮّﺭُ ﺃﻥّ ﺍﻷﻣﻮﺭَ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﻋﻠﻴﻪِ ﺑﺎﻷﻣﺲ .. ﻭَﺻَﻞ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔِ ،
ﻭﺑﺪﺃ ﻳَﺘَﻄﻠّﻊُ ﺍﻟﻰ ﺃﺳﻮﺍﺭِﻫﺎ ﻭﻣَﺒﺎﻧﻴﻬﺎ ، ﻛﺎﻥ ﻳَﻤﺸﻲ ﺣﺎﺋﺮﺍً ﻳَﺘَﻌﺠّﺐُ .
ﺗَﺼَﻮّﺭَ ﺃﻧﻪ ﻭﺻﻞَ ﺍﻟﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔٍ ﺃُﺧﺮﻯ!
ﻟَﻢ ﻳَﻌﺘَﺮِﺿْﻪُ ﺃﺣﺪٌ ﻋﻨﺪَﻣﺎ ﺩَﺧﻞَ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ، ﻭﻟﻢ ﻳَﺠِﺪْ ﺃﺛﺮﺍً ﻟِﺘﻤَﺎﺛﻴﻞِ ﺍﻵﻟﻬﺔِ ،
ﺭﺃﻯ ﻧﻔﺴَﻪُ ﻏَﺮﻳﺒﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ !
ﺍﻟﻨﺎﺱُ ﻳَﻨﻈﺮﻭﻥَ ﺍﻟﻴﻪ ﻭﻳَﺘﻌﺠَّﺒﻮﻥَ : ﺇﻧّﻪ ﻳَﺮﺗَﺪﻱ ﺯِﻳّﺎً ﻗَﺪﻳﻤﺎً ﻻ ﻳَﺮﺗَﺪﻳﻪِ
ﺍﻟﻴﻮﻡَ ﺃﺣَﺪ!
ﺍﻟﻨﺎﺱُ ﻫﻨﺎ ﻳَﺮﺗَﺪﻭﻥَ ﺃﺯﻳﺎﺀً ﺟﺪﻳﺪﺓً ، ﻭﻟﻢ ﻳُﺸﺎﻫِﺪْ ﺟُﻨﻮﺩﺍً ﻳَﻘﻤَﻌﻮﻥَ
ﺍﻟﻨﺎﺱَ ﺃﻭ ﻳُﺤﺎﺳِﺒﻮﻧَﻬُﻢ ﻋﻠﻰ ﻋَﻘﻴﺪﺗِﻬﻢ!
ﺍﻟﻨﺎﺱُ ﻫﻨﺎ ﻳَﻌﻴﺸﻮﻥَ ﺑﺴﻼﻡٍ ، ﻳَﻌﻤﻠﻮﻥَ ﻭﻳَﺰﺭَﻋﻮﻥَ ، ﻭﻻ ﻳَﺒﺪﻭ ﻋﻠَﻴﻬِﻢُ
ﺍﻟﺨَﻮﻑُ ﺃﻭ ﺍﻟﻘَﻠَﻖ.
ﻭ ﻣﻀﻰ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺴُّﻮﻕِ. . ﺳﺄﻝَ ﺃﺣﺪَﻫُﻢ ﻋﻨﻪ ﻓﺪﻟَّﻪُ ﻋﻠﻴﻪ . ﻭ ﺗَﻌَﺠّﺐَ
ﺍﻟﻔﺘﻰ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻘﺔِ ﺍﻟﻜﻼﻡِ! ﺗﻐَﻴَّﺮﺕ ﻟَﻬﺠﺔُ ﺍﻟﻨﺎﺱِ ﻛﺜﻴﺮﺍً. . ﺇﻧّﻬﻢ
ﻳﺘَﺤَﺪّﺛﻮﻥَ ﺑﻠﻬﺠﺔٍ ﺟﺪﻳﺪﺓ !!
ﺃﻣﺮٌ ﻋَﺠﻴﺐ !!
ﺗﺴﺎﺀﻝ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﻓﻲ ﻧﻔﺴِﻪ:
ـ ﻫﻞ ﺃﺧﻄﺄﺕُ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖَ ﻭﻭَﺻَﻠﺖُ ﺍﻟﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔٍ ﺃُﺧﺮﻯ ؟ !
ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔُ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ
ﺍﻧﺘَﺒَﻪ ﺍﻟﻰ ﻧﻔﺴِﻪ ، ﻭﻓﻜّﺮَ ﺑﺄﺩﺍﺀِ ﻣﻬﻤّﺘِﻪ ﻭﻫﻲ ﺷﺮﺍﺀُ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡِ ﻭﺍﻟﻌﻮَﺩﺓُ
ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﺨﺒﺄ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺒﻞ .
ﻟﻬﺬﺍ ﺗﻈﺎﻫَﺮَ ﺑﺄﻧّﻪُ ﻳَﺘَﺼﺮّﻑُ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔٍ ﻋﺎﺩﻳّﺔ ، ﻭﻛﺄﻧﻪ ﺃﺣﺪُ ﺳُﻜّﺎﻥِ
ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ..
ﺍﻟﻨﺎﺱُ ﺣَﺴِﺒﻮﻩُ ﺭَﺟُﻼً ﻏﺮﻳﺒﺎً ﺟﺎﺀ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺔٍ ﺑﻌﻴﺪﺓٍ ﻭﺳﻂَ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ.
ﺑﺤﺚَ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﻋﻦ ﺭﺟُﻞٍ ﻃﻴّﺐٍ ﻛﺎﻥ ﻳَﺒﻴﻊُ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡَ ، ﻟﻜﻨّﻪُ ﻟَﻢ ﻳَﺠِﺪْﻩُ
ﻭﻭَﺟَﺪ ﺑﺎﻋﺔً ﻛﺜﻴﺮﻳﻦَ ﺗَﻠﻮﺡُ ﻋﻠﻰ ﻭُﺟﻮﻫﻬِﻢ ﺍﻟﻄِّﻴﺒﺔ .
ﺍﺧﺘﺎﺭَ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﺑﻌﺾَ ﺍﻷﻃﻌﻤﺔِ ﺍﻟﻤَﻌﺮﻭﺿﺔِ ، ﻭﻧَﻘﺪَ ﺍﻟﺒﺎﺋﻊَ ﺍﻟﺜَّﻤﻦَ؛ ﻭﻫﻨﺎ
ﺣَﺪَﺙ ﻣﺎ ﻛﺎﻥَ ﻣُﺘَﻮﻗَّﻌﺎً!
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗَﺴﻠَّﻢَ ﺍﻟﺒﺎﺋﻊُ ﺍﻟﻨﻘﻮﺩَ ، ﺗﺄﻣّﻞَ ﻓﻴﻬﺎ ﻣَﺪﻫﻮﺷﺎً ! ﺇﻧﻬﺎ ﻧﻘﻮﺩٌ ﺗﻌﻮﺩُ ﺍﻟﻰ
ﺯﻣﻦِ ﺍﻷﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭِ ﺗﺮﺍﺟﺎﻥ ، ﻭﻗﺪ ﻣﻀﻰ ﻋﻠﻰ ﺳَﻜِّﻬﺎ ﺛﻼﺛﺔُ ﻗُﺮﻭﻥ !
ﻧَﻈﺮَ ﺍﻟﺒﺎﺋﻊُ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﺑﺪَﻫﺸﺔٍ ، ﻭﻓَﻜّﺮَ ﺃﻧﻪ ﻳﻜﻮﻥُ ﻋَﺜَﺮَ ﻋﻠﻰ ﻛﻨﺰٍ ، ﻟﻬﺬﺍ
ﻗﺎﻝَ ﻟﻪ :
ـ ﻫﻞ ﻋَﺜَﺮﺕَ ﻋﻠﻰ ﻛﻨﺰ ؟ !
ـ ﻣﺎﺫﺍ ﺗَﻌﻨﻲ ؟ !
ـ ﺃﻋﻨﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻘﻮﺩَ ﺍﻟﺬﻫﺒﻴﺔ ، ﺇﻧّﻬﺎ ﺗَﻌﻮﺩُ ﺍﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﺒﻞَ ﻋَﺸَﺮﺍﺕِ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ .
ـ ﺇﻧّﻬﺎ ﻧُﻘﻮﺩﻱ ، ﻭﺟِﺌﺖُ ﺃﺷﺘَﺮﻱ ﻃَﻌﺎﻣﺎً ﻟﻲ .
ﻗﺎﻝَ ﺍﻟﺒﺎﺋﻊُ ﻭﻫﻮ ﻳُﺮِﻳﻪِ ﺍﻟﻌﻤﻠﺔَ ﺍﻟﻤُﺘَﺪﺍﻭَﻟﺔ:
ـ ﺍﻧﻈُﺮْ ! ﺇﻧّﻨﺎ ﻧَﺘَﻌﺎﻣَﻞُ ﺑﻬﺬِﻩ ﺍﻟﻨﻘﻮﺩ!
ﻧَﻈﺮَ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻌُﻤﻠﺔ ﺍﻟﻤَﺴﻜﻮﻛِﺔ ، ﺇﻧّﻪ ﻟَﻢ ﻳَﺮَﻫﺎ ﻣِﻦ ﻗﺒﻞُ . ﻗﺎﻝَ ﻓﻲ
ﻧﻔﺴِﻪ :
ـ ﻳﺎ ﺇﻟﻬﻲ ﻣﺎﺫﺍ ﺣَﺼَﻞ ؟ !
ﻗﺎﻝَ ﺍﻟﺒﺎﺋﻊُ:
ـ ﺇﺫﺍ ﺃﺷﺮَﻛﺘَﻨﻲ ﺑﺎﻟﻜﻨﺰِ ﻓﻠﻦ ﺃُﺧﺒِﺮَ ﺃﺣﺪﺍً.
ـ ﺃﻱّ ﻛﻨﺰ ؟! ﺇﻧﻨﻲ ﻻ ﺃﻣﻠِﻚُ ﺳﻮﻯ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻄﻌﺔ ﺍﻟﻨﻘﺪﻳﺔ !
ـ ﺇﺫِﻥْ ﺳﺄُﺧﺒِﺮُ ﺍﻟﺸّﺮﻃﺔ!
ﻭﺍﺭﺗَﻔﻊ ﺻﻮﺕُ ﺍﻟﺒﺎﺋﻊ ﻭﻫﻮ ﻳَﺘﻌﻠّﻖُ ﺑﺜﻴﺎﺏِ ﺍﻟﻔﺘﻰ.
ﻭﺗَﺤَﻠّﻖَ ﺍﻟﻨﺎﺱُ ﺣﻮﻟَﻬﻤﺎ ، ﻗﺎﻝَ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﻭﻫﻮ ﻳَﺘَﻠﻔَّﺖ:
ـ ﺃﺭﺟﻮﻙَ. . ﺍﺗﺮُﻛْﻨﻲ. . ﺳﻮﻑ ﻳَﻘﺘُﻠﻮﻧﻲ ﺍﺫﺍ ﺃﻣﺴَﻜﻮﺍ ﺑﻲ .. ﺇﻥ ﺟُﻨﻮﺩَ «
ﺗﺮﺍﺟﺎﻥ » ﻻ ﻳَﺮﺣﻤﻮﻥ ﺃﺣﺪﺍً .
ـ ﺗﺮﺍﺟﺎﻥ ؟ !
ﻗﺎﻝَ ﺍﻟﻨﺎﺱُ ﻣُﺘﻌﺠِّﺒﻴﻦَ. ﺿَﺤِﻚَ ﺭﺟﻞٌ ﻭﻗﺎﻝَ:
ـ ﻟﻘﺪ ﻣﺎﺕَ ﺗﺮﺍﺟﺎﻥ ﻗﺒﻞَ ﻣﺌﺎﺕِ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ .. ﻫﻞ ﺃﻧﺖَ ﻣَﺠﻨﻮﻥٌ ﻳﺎ ﻓَﺘﻰ ؟ !
ﺳﺄﻝَ ﺍﻟﻔﺘﻰ:
ـ ﻭﻣَﻦ ﻳَﺤﻜُﻢُ ﺍﻵﻥ ؟
ﺗﻴﻮﺩﻳﻮﺱ. . ﺇﻧﻪ ﺃﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭٌ ﻃَﻴِّﺐٌ ، ﻭﻗﺪ ﺍﻋﺘَﻨﻖَ ﺩِﻳﻦَ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢِ ﻗﺒﻞَ
ﻋﺎﻣَﻴﻦِ ﺃﻭ ﺛﻼﺛﺔ.
ﺗﺴﺎﺀﻝَ ﺍﻟﻔﺘﻰ :
ـ ﺗَﻌﻨﻲ ﺃﻧّﻬﻢ ﻟَﻢ ﻳَﻌﻮﺩﻭﺍ ﻳَﻘﺘﻠُﻮﻥَ ﺍﻟﻌِﻴﺴَﻮﻳِّﻴﻦ ؟ !
ـ ﻣﺎﺫﺍ ﺗَﻘﻮﻝ ؟! ﻟﻘﺪ ﺁﻣﻦَ ﺍﻟﻨﺎﺱُ ﺑﺪﻳﻦِ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻟﻘﺪ ﻣﻀﻰ ﺯﻣﻦُ ﺍﻟﻈﻠﻢِ
ﻭﺍﻟﻌﺬﺍﺏ .
ﻗﺎﻝَ ﺷﻴﺦٌ ﻭﻫﻮ ﻳَﻔﺮُﻙُ ﺟَﺒﻴﻨَﻪُ:
ـ ﻳﺎ ﺇﻟﻬﻲ ! ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﻨﺖُ ﻃﻔﻼً ﻛﺎﻧﺖ ﺟَﺪَّﺗﻲ ﺗُﺤَﺪِّﺛﻨﻲ ﻋﻦ ﻓِﺘﻴﺔٍ ﺧﺎﻓﻮﺍ
ﻋﻠﻰ ﺩِﻳﻨﻬِﻢ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ ، ﻓﻬَﺮﺑﻮﺍ ﻭﻟﻢ ﻳَﻌﺜُﺮْ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﺣﺪ ؟ !
ﺃُﺻﻴﺐ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﺑﻤﺎ ﻳُﺸﺒﻪُ ﺍﻟﺪَّﻭﺍﺭ. . ﻭﻛﺎﺩَ ﻳَﺴﻘُﻂُ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽِ ﻣﻦ ﻫَﻮﻝِ
ﻣﺎ ﻳَﺴﻤَﻊ .. ﻫَﻞ ﻳُﻌﻘَﻞُ ﺃﻧّﻬﻢ ﻧﺎﻣﻮﺍ ﻛﻞَّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ ، ﻭﻫﻞ ﻳُﻤﻜﻦُ ﺃﻥ
ﻳَﻨﺎﻡَ ﺍﻻﻧﺴﺎﻥُ ﺛﻼﺛﺔَ ﻗُﺮﻭﻥ ؟!
ﺇﻧّﻪ ﻻ ﻳَﺬﻛُﺮ ﺷﻴﺌﺎً .. ﺗﺼَﻮّﺭَ ﺃﻧّﻪ ﻧﺎﻡَ ﺃﻣﺲِ ﻭﺍﺳﺘَﻴﻘﻆ ﺍﻟﻴﻮﻡَ.
ﺭﺍﺡَ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﻳَﻔﺮُﻙَ ﻋَﻴﻨﻴَﻪِ. . ﺗَﺼﻮّﺭَ ﻧﻔﺴَﻪُ ﻓﻲ ﺣُﻠُﻢ ..
ﻭﻟﻜﻦْ ﻻ .. ﻻ ، ﺇﻥّ ﻣﺎ ﻳَﺮﺍﻩُ ﺣﻘﻴﻘﺔٌ. . ﻭﻟﻜﻨّﻬﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔٌ ﻛﺒﺮﻯ !
ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ
ﻭَﺻَﻠَﺖ ﺍﻷﻧﺒﺎﺀُ ﺍﻟﻤُﺜﻴﺮﺓُ ﺍﻟﻰ ﺣﺎﻛﻢِ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔِ ، ﻛﺎﻥَ ﺭﺟُﻼً ﻣﺆﻣﻨﺎً ، ﻓﺄﻣﺮَ
ﺑﺈﺣﻀﺎﺭِﻩ ، ﻭﺍﻛﺘﺸَﻒَ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢُ ﺃﻧّﻪ ﺃﻣﺎﻡَ ﺣﻘﻴﻘﺔٍ ﻛﺒﺮﻯ ، ﻭﺃﻥّ ﺍﻟﻠﻪَ
ﺳﺒﺤﺎﻧﺔ ﺃﺭﺍﺩَ ﺃﻥ ﻳُﺮﻳَﻬُﻢ ﺁﻳﺔً ﺗَﺪُﻝُّ ﻋﻠﻰ ﻗُﺪﺭﺗِﻪ ﻓﻲ ﺑَﻌﺚِ ﺍﻟﻤﻮَﺗﻰ ،
ﻭﺣَﻘّﺎﻧﻴﺔِ ﺍﻟﺒﻌَﺚِ ﻭﺍﻟﻤَﻌﺎﺩِ ﻳﻮﻡَ ﻳﻘﻮﻡُ ﺍﻟﻨﺎﺱُ ﻟﺮﺏِّ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻤﻴﻦ.
ﻃَﻠَﺐ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢُ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﺃﻥ ﻳُﺮﺷِﺪَﻫُﻢ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻜﻬِﻒ ، ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺳﺎﺭَ ﺍﻟﻔﺘﻰ
ﻭﺧَﻠﻔَﻪُ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢُ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦُ ﻭﺟﻨﻮﺩُﻩ.
ﻛﺎﻥَ ﺍﻟﻔِﺘﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻬﻒِ ﺧﺎﺋﻔﻴﻦ ، ﻭﻳﻌَﻴﺸﻮﻥَ ﺣﺎﻟﺔً ﻣﻦ ﺍﻟﻘَﻠﻖ ، ﻟﻘﺪ
ﺗﺄﺧَّﺮَ ﺃﺧﻮﻫُﻢ. .
ﻗﺎﻝَ ﺃﺣﺪُﻫﻢ:
ـ ﺭُﺑَّﻤﺎ ﺃُﻟِﻘﻲَ ﺍﻟﻘَﺒﺾُ ﻋﻠﻴﻪ!
ﻭﻗﺎﻝَ ﺁﺧَﺮ:
ـ ﺭﺑّﻤﺎ ﺗﺄﺧَّﺮ ﻓﻲ ﺩُﺧﻮﻝِ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ. . ﺃﻧﺘُﻢ ﺗَﻌﺮِﻓﻮﻥَ ﺷﺪّﺓَ ﺍﻟﺤُﺮّﺍﺱ.
ﻭﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕِ ﺍﻟﻤُﺜﻴﺮﺓ؛ ﻏﺎﺩَﺭَ ﺃﺣﺪُﻫُﻢ ﺍﻟﻜﻬﻒَ ﻭﺭﺍﺡَ ﻳَﺘﺴﻠّﻖُ
ﺍﻟﺠﺒﻞَ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻘِﻤّﺔ؛ ﻭﻣِﻦ ﻫُﻨﺎﻙ ﺭﺍﺡَ ﻳُﺮﺍﻗِﺐُ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖَ ﺍﻟﻤُﺆﺩّﻳﺔَ ﺍﻟﻰ
ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔِ ، ﻓﺮﺃﻯ ﺑِﻌﻴﻨَﻴﻪِ ﻣﺎ ﻛﺎﻥَ ﻳَﺨﺸﺎﻩ !
ﻫﺎﻫُﻢ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩُ ﺍﻟﺮُّﻣﺎﻥ ﻗﺎﺩِﻣﻮﻥَ ﻣِﻦ ﺑَﻌﻴﺪ ..
ﺃﺳﺮَﻉَ ﻓﻲ ﺍﻟﻌَﻮﺩﺓِ ﻹﺧﺒﺎﺭِ ﺭﻓﺎﻗﻪ ، ﻗﺎﻝَ ﻟﻬﻢ :
ـ ﻟﻘﺪ ﺭﺃﻳﺖُ ﺟُﻨﻮﺩﺍً ﻗﺎﺩِﻣﻴﻦَ ﻧَﺤﻮَﻧﺎ؛ ﻟﻘﺪ ﺃُﻟﻘﻲَ ﺍﻟﻘَﺒﺾُ ﻋﻠَﻴﻪ ﻭﺩَﻟَّﻬُﻢ
ﻋﻠَﻴﻨﺎ!
ﻗﺎﻝ ﺁﺧَﺮ :
ـ ﻻ ﺃﻇُﻦُّ ﺫﻟﻚ؛ ﻟِﻨَﻨﺘَﻈِﺮ .. ﺭُﺑّﻤﺎ ﻳَﻘﺼﺪُ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩُ ﻣﻜﺎﻧﺎً ﺁﺧَﺮ.
ﻣَﺮَّﺕ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕُ ﻣُﺜﻴﺮﺓً ﺳﺮﻳﻌﺔ. ﻭﻓﺠﺄﺓ ﺩَﺧَﻞ ﺻﺎﺣﺒُﻬﻢ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﺍﻟﻜﻬﻒَ ،
ﻭﺃﺧﺒَﺮَﻫُﻢ ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔِ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ .. ﺇﻧّﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻨﺎﻣُﻮﺍ ﻳﻮﻣﺎً ﺃﻭ ﺑﻌﺾَ ﻳﻮﻡ ،
ﻟﻘﺪ ﺍﻣﺘَﺪّ ﻧَﻮﻣُﻬﻢ ﺍﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔِ ﻗُﺮﻭﻥ ، ﻭﺇﻥّ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺪ ﺟَﻌَﻠَﻬُﻢ ﺁﻳﺔً ﻋﻠﻰ
ﻗُﺪﺭﺗِﻪ ، ﻭﺃﻧّﻪ ﻳُﺤﻴﻲ ﺍﻟﻤَﻮﺗﻰ ، ﻭﻳُﻌﻴﺪُ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡَ ﺍﻟﻰ ﺃﺟﺴﺎﺩِﻫﺎ ﻣَﺮّﺓً
ﺃﺧﺮﻯ !!
ﻓﻲ ﺫﻟﻚَ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥِ .. ﻛﺎﻥَ ﻫﻨﺎﻙَ ﻣَﻦ ﻳﻘﻮﻝ : ﺇﻥّ ﺍﻟﺮﻭﺡَ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗَﺨﺮُﺝُ ﻣِﻦ
ﺍﻟﺠَﺴَﺪِ ﻻ ﺗَﻌﻮﺩُ ﺍﻟﻴﻪ ، ﻭﻟﻜﻨّﻬﺎ ﺗَﺤِﻞُّ ﻓﻲ ﺟﺴﺪٍ ﺁﺧَﺮ .
ﺃﻣّﺎ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥَ ﻓﻜﺎﻧﻮﺍ ﻳَﻌﺘَﻘِﺪﻭﻥَ ﺑﺄﻥّ ﺍﻟﻠﻪَ ﻗﺎﺩﺭٌ ﻋﻠﻰ ﻛﻞِّ ﺷﻲﺀ ، ﻭﻫﻮ
ﺍﻟﺬﻱ ﺧَﻠﻖَ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥَ ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳَﺘَﻮﻓّﻰ ﺭُﻭﺣَﻪُ ﺛُﻢ ﻳُﻌﻴﺪُﻫﺎ ﺍﻟﻴﻪ ﻳﻮﻡَ
ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ.
ﻛﺎﻥَ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﻗﺪ ﻃَﻠَﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢِ ﺃﻥ ﻳَﺬﻫَﺐَ ﺑﻤﻔﺮﺩِﻩ ، ﻷﻥّ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ
ﻳَﺨﺎﻓﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻢِ ﻭﻫﻢ ﻻ ﻳَﻌﺮِﻓﻮﻥَ ﻣﺎ ﺣَﺼَﻞ ﻟﻬﻢ.
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﻛﺘَﺸَﻒَ ﺍﻟﻔِﺘﻴﺔُ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔَ ﺑَﻜَﻮﺍ ﺧﺸﻴﺔً ﻟﻠﻪ ﻭﺷَﻮﻗﺎً ﺇﻟﻴﻪ ،
ﻭﺗَﻀَﺮّﻋﻮﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻥ ﻳَﻘﺒِﺾَ ﺃﺭﻭﺍﺣَﻬُﻢ ، ﺫﻟﻚ ﺃﻧَﻬﻢ ﻳَﻨﺘَﻤﻮﻥَ ﺍﻟﻰ ﺯﻣﻦٍ
ﻣَﻀﻰ. . ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﺒﻞَ ﺛﻼﺛﺔِ ﻗﺮﻭﻥ.
ﻭﺍﺳﺘَﺠﺎﺏَ ﺍﻟﻠﻪُ ﺩُﻋﺎﺀﻫﻢ ، ﻓﺄﻟﻘﻰ ﻋﻠَﻴﻬِﻢُ ﺍﻟﻨُّﻌﺎﺱَ ، ﻭﺣَﻠَّﻘَﺖ ﺃﺭﻭﺍﺣُﻬﻢ
ﺑﻌﻴﺪﺍً ﺍﻟﻰ ﻋﺎﻟَﻢِ ﻣُﻔﻌَﻢٍ ﺑﺎﻟﺨَﻴﺮِ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ.
ﻛﺎﻥَ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢُ ﻳﻨَﺘﻈﺮُ ، ﻭﻟﻜﻦْ ﺩُﻭﻥَ ﺟَﺪﻭﻯ؛ ﻟﻬﺬﺍ ﻗﺮّﺭَ ﺍﻟﺬَّﻫﺎﺏَ ﺑﻨﻔﺴِﻪ ﺍﻟﻰ
ﺍﻟﻜﻬﻒِ. ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺩَﺧَﻞ ، ﻭَﻣﻌَﻪ ﺭﺟﺎﻟُﻪ ﺭﺃﻯ ﻣَﻨﻈﺮﺍً ﻋﺠﻴﺒﺎً !!
ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺳﺒﻌﺔَ ﻓِﺘﻴﺎﻥٍ ﻭﻣَﻌﻬﻢ ﻛﻠﺒُﻬﻢ ﻭﻗﺪ ﻣﺎﺗﻮﺍ ﻣﻨﺬُ ﻟﺤﻈﺎﺕٍ .. ﻣﺎ ﺗَﺰﺍﻝ
ﺃﺟﺴﺎﺩُﻫﻢ ﺩﺍﻓﺌﺔ.
ﻭﺳَﺠَﺪَ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢُ ﻟﻠﻪِ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ، ﻭﺳَﺠَﺪ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ. .
ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥِ ﻛﺎﻥَ ﺍﻟﻨﺎﺱُ ﻳَﺘَﺠﺎﺩﻟﻮﻥَ ﺣﻮﻝَ ﺍﻟﺮﻭﺡِ ، ﺑﻌﻀﻬُﻢ ﻳَﻘﻮﻝُ
ﺇﻧﻬﺎ ﺗَﻌﻮﺩُ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺠﺴِﺪ ﻣﺮّﺓً ﺃﺧﺮﻯ ﻳﻮﻡَ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ، ﻭﺑﻌﻀُﻬﻢ ﻳﻘﻮﻝُ ﺇﻧﻬﺎ
ﺗَﺤﻞُّ ﻓﻲ ﺟﺴﺪٍ ﺁﺧﺮ .
ﻭﻟﻜﻦْ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺭﺃﻭﺍ ﺑﺄﻋﻴُﻨِﻬﻢ ﺃﺻﺤﺎﺏَ ﺍﻟﻜﻬﻒِ ، ﻭﻛﻴﻒ ﻋﺎﺩَﺕ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﺮﻭﺡُ
ﺃﻳﻘَﻨﻮﺍ ﺑﻘﺪﺭﺓِ ﺍﻟﻠﻪ .
ﺃﻣّﺎ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻮﻥ ﻓﻜﺎﻧﻮﺍ ﻓﻲ ﺷﻚّ ، ﻟﻬﺬﺍ ﻗﺎﻟﻮﺍ :
ـ ﺃُﺑْﻨُﻮﺍ ﻋﻠَﻴﻬﻢ ﺑُﻨﻴﺎﻧﺎً. . ﺭﺑُّﻬﻢ ﺃﻋﻠَﻢُ ﺑِﻬﻢ!
ﻭﻟﻜﻦّ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻗﺎﻟﻮﺍ :
ـ ﻟَﻨﺘَّﺨِﺬَﻥّ ﻋﻠَﻴﻬﻢ ﻣَﺴﺠِﺪﺍً. . ﻭﻧَﺘﺒﺮَّﻙ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥِ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻇﻬَﺮَ ﺍﻟﻠﻪُ ﻓﻴﻪ
ﻗُﺪﺭﺗَﻪ.
ﻭﺍﻧﺘَﺼَﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥَ ، ﻭﺑَﻨَﻮﺍ ﻓﻲ ﺫﻟﻚَ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥِ ﻣَﺴﺠﺪﺍً ﻳُﻌﺒَﺪُ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻠﻪُ
ﻭﺣﺪَﻩ.
ﻭﺍﺯﺩﺍﺩﻭﺍ ﺗِﺴﻌﺎً
ﻭﺍﻟﻴﻮﻡَ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳَﺰﻭﺭُ ﺍﻟﻤﺮﺀُ ﻋَﻤّﺎﻥ ﻋﺎﺻﻤﺔَ ﺍﻷُﺭﺩﻥ ﻳُﻤﻜِﻨُﻪ ﺍﻟﺘﻮﺟَّﻪ ﺍﻟﻰ
ﺍﻟﺠَﻨﻮﺏِ ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ ﻣِﻨﻬﺎ ، ﻭﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻓﺔِ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔِ ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮﺍﺕ ﺑﻴﻦ
ﻗَﺮﻳﺘَﻲ « ﺍﻟﺮَّﻗﻴﻢ » ﻭ « ﺃﺑﻮ ﻋَﻠَﻨْﺪﺍ » ، ﺣﻴﺚ ﻳُﻮﺟَﺪُ ﻛﻬﻒُ ﺃﺻﺤﺎﺏِ
ﺍﻟﻜﻬﻒ. . ﺳﻴﺮﻯ ﻋﺪّﺓَ ﻗﺒﻮﺭٍ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔِ ﺍﻟﻨَّﻮﺍﻭﻳﺲ ﺍﻟﺒِﻴﺰﻧﻄﻴّﺔِ ﻭﺍﻟﺘﻲ
ﺗَﺒﻠُﻎُ ﺳﺒﻌﺔَ ﻧﻮﺍﻭﻳﺲَ ﺇﺿﺎﻓﺔً ﺍﻟﻰ ﻧﺎﻭﻭﺱٍ ﺻﻐﻴﺮٍ ﻟﻌﻠّﻪ ﻣَﺪﻓَﻦُ ﻛﻠﺐِ
ﺃﺻﺤﺎﺏِ ﺍﻟﻜﻬﻒ.
ﻭﻳَﻌﻮﺩُ ﺍﻟﻔﻀﻞُ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻛﺘﺸﺎﻑِ ﺍﻟﻰ ﻋﺎﻟِﻢ ﺍﻵﺛﺎﺭ « ﺭﻓﻴﻖ ﻭﻓﺎ
ﺍﻟﺪﺟﺎﻧﻲ » ﺍﻟﺬﻱ ﻧَﺸَﺮ ﻧﺘﺎﺋﺞَ ﺗَﻨﻘﻴﺒﺎﺗِﻪ ﺳﻨﺔ 1964ﻡ ، ﻭﺃﺛﺒَﺖَ ﺃﻧّﻪ
ﺍﻟﻜﻬﻒُ ﺍﻟﺬﻱ ﻭَﺭَﺩ ﺫِﻛﺮُﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥِ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ؛ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻜﻬﻒ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳَﺪّﻋﻲ ﺍﻟﻤﺆﺭﺧﻮﻥ ﺍﻷﻭﺭﺑﻴﻮﻥَ ﻭﺟﻮﺩَﻩُ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔِ ﺃﻓﺴﻮﺱ ﻓﻲ
ﺗﺮﻛﻴﺎ .
ﻭﻟﻜﻦّ ﻣﺎ ﺣَﻴّﺮ ﺍﻟﻤُﻔﺴِّﺮﻳﻦ ﻫﻮ ﻛﻢ ﻟَﺒِﺚَ ﺃﺻﺤﺎﺏُ ﺍﻟﻜﻬﻒِ ﻓﻲ ﺭُﻗﻮﺩِﻫﻢ ،
300 ﺃﻡ
309 ﺳﻨﻮﺍﺕ ؟
ﻳﻘﻮﻝُ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥُ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ : « ﻭَﻟِﺒﺜﻮﺍ ﻓﻲ ﻛﻬﻔِﻬِﻢ ﺛَﻼﺙَ ﻣِﺎﺋﺔٍ ﺳِﻨﻴﻦَ
ﻭﺍﺯﺩﺍﺩﻭﺍ ﺗِﺴﻌﺎً » .
ﺍﻟﺠﻮﺍﺏُ ﻫﻮ ﺃﻥ ﻣﺪّﺓَ ﻧَﻮﻣِﻬﻢ ﺗُﺴﺎﻭﻱ 300 ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺷﻤﺴﻴﺔ؛ ﻭﻫﻲ
ﺗُﻌﺎﺩﻝ 309 ﺳﻨﺔ ﻗَﻤﺮﻳﺔ ، ﻭﺍﻵ ﻥ ﻟِﻨُﺤﺎﻭِﻝ ﺣﺴﺎﺏَ ﺫﻟﻚ :
ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺸﻤﺴﻴﺔ = 365 ﻳﻮﻣﺎً
ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻘﻤﺮﻳﺔ = 354 ﻳﻮﻣﺎً
300 × 365 = 109500 ﻳﻮﻣﺎً
309 × 354 = 109386 ﻳﻮﻣﺎً
ﻭﺑﻤﺎ ﺃﻥّ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻘﻤﺮﻳﺔ = 354 ﻳﻮﻣﺎً ﻭ 8 ﺳﺎﻋﺎﺕ ﻭ 48 ﺩﻗﻴﻘﺔ .
ﺇﺫﻥ 8 ﺳﺎﻋﺎﺕ ﻭ 48 ﺩﻗﻴﻘﺔ = 528 ﺩﻗﻴﻘﺔ
ﺍﻟﻴﻮﻡ = 24 ﺳﺎﻋﺔ = 1440 ﺩﻗﻴﻘﺔ
1440 / 528 = 30 / 11 ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ
300 × 30 / 11 = 110 ﺃﻳﺎﻡ
ﻭﺑﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻭﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ ﺳﻨﻴﻦ ﻛﺒﻴﺴﺔ .
ﺇﺫﻥ 309 - 300 = 9 = 10 ؛ ﻷﻥ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ .
ﻭﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻳﺤﺼﻞ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺍﻳﺎﻡ ﺃﺧﺮﻯ .
109386 + 110 + 4 = 109500 ﻳﻮﻣﺎً، ﻭﻫﻮ ﻧﻔﺲ ﻋﺪﺩ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟـ 300 ﺳﻨﺔ ﺍﻟﺸﻤﺴﻴﺔ .
ﻭﺃﺧﻴﺮﺍً ، ﻓﺈﻥّ 300 ﺳﻨﺔ ﺷﻤﺴﻴﺔ ﺗﻌﺎﺩﻝ 309 ﺳﻨﺔ ﻗﻤﺮﻳﺔ.
ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ ﻣﺄﺧﻮﺫﻩ ﻣﻦ ﻧﻬﺞ ﺍﻟﺒﻼﻏﻪ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ﺍﺣﺒﺎﺭ ﻳﻬﻮﺩ