ﻗﺼﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺟﺪﺍً ﻋﻦ ﺑﺮ ﺃﺑﻦ ﺑﺄﻣﻪ
ﺭﺑﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺒﺮ ﻭ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﻓﻰ ﻗﻠﻮﺏ ﺧﻠﻘﻪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺒﻬﻢ ﻟﻴﺮﻓﻌﻬﻢ ﻭ ﻳﻌﻠﻰ ﻣﻜﺎﻧﺘﻬﻢ
ﻓﺎﻷﻡ ﻟﻬﺎ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻭ ﻣﻦ ﻳﺒﺮﻫﺎ ﻟﻪ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻓﺘﻌﻠﻮﺍ ﻣﻌﻨﺎ ﻧﻘﺮﺃ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺼّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻧـُﻘﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻄﺒﻴﺒﺎﺕ ﺗﻘﻮﻝ :
ﺩﺧﻠﺖ ﻋﻠﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻴﺎﺩﺓ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﺎﺕ ﺑﺼﺤﺒﺔ ﺍﺑﻨﻬﺎ ﺍﻟﺜﻼﺛﻴﻨﻲ ! .. ﻻﺣﻈﺖ ﺣﺮﺻﻪ ﺍﻟﺰﺍﺋﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ، ﻳﻤﺴﻚ
ﻳﺪﻫﺎ ﻭﻳﺼﻠﺢ ﻟﻬﺎ ﻋﺒﺎﺀﺗﻬﺎ ﻭﻳﻤﺪ ﻟﻬﺎ ﺍﻷﻛﻞ ﻭﺍﻟﻤﺎﺀ ..
ﺑﻌﺪ ﺳﺆﺍﻟﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ ﻭﻃﻠﺐ ﺍﻟﻔﺤﻮﺻﺎﺕ ، ﺳﺄﻟﺘﻪ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻷﻥّ ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻮﺯﻭﻧﺔ ﻭﻻ
ﺭﺩﻭﺩﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺌﻠﺘﻲ
ﻓـﻘﺎﻝ ﺇﻧﻬﺎ ﻣﺘﺨﻠﻔﺔ ﻋﻘﻠﻴﺎ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻮﻻﺩﺓ .
ﺗﻤﻠﻜﻨﻲ ﺍﻟﻔﻀﻮﻝ ﻓـﺴﺄﻟﺘﻪ ﻓـﻤﻦ ﻳﺮﻋﺎﻫﺎ ؟ ﻗﺎﻝ : ﺃﻧﺎ ﺃﺩﺧﻠﻬﺎ ﺍﻟﺤﻤّﺎﻡ ﻭﺃﺣﻀﺮ ﻣﻼﺑﺴﻬﺎ ﻭﺍﻧﺘﻈﺮﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺗﻨﺘﻬﻲ
ﻭﺃﺻﻔﻒ ﻣﻼﺑﺴﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻭﻻﺏ ﻭ ﺃﺿﻊ ﺍﻟﻤﺘﺴﺦ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺴﻴﻞ ﻭﺍﺷﺘﺮﻱ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﻗﺺ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻼﺑﺲ
ﻗﻠﺖ : ﻭﻟﻢ ﻻ ﺗﺤﻀﺮ ﻟﻬﺎ ﺧﺎﺩﻣﺔ !؟ ﻗﺎﻝ : [ ﻷﻥ ﺃﻣﻲ ﻣﺴﻜﻴﻨﺔ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻻ ﺗﺸﺘﻜﻲ ﻭﺃﺧﺎﻑ ﺃﻥ ﺗﺆﺫﻳﻬﺎ ﺍﻟﺸﻐﺎﻟﺔ
ﺍﻧﺪﻫﺸﺖ ﻣﻦ ﻛﻼﻣﻪ ﻭﻣﻘﺪﺍﺭ ﺑﺮّﻩ ﻭﻗﻠﺖ : ﻭﻫﻞ ﺃﻧﺖ ﻣﺘﺰﻭﺝ ؟ ﻗﺎﻝ : ﻧﻌﻢ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻭﻟﺪﻱ ﺃﻃﻔﺎﻝ ,
ﻗﻠﺖ : ﺇﺫﻥ ﺯﻭﺟﺘﻚ ﺗﺮﻋﻰ ﺃﻣﻚ ؟ ﻗﺎﻝ : ﻫﻲ ﻣﺎ ﺗﻘﺼﺮ ﻭﻫﻲ ﺗﻄﻬﻮ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﺗﻘﺪﻣﻪ ﻟﻬﺎ ,
ﻭﻗﺪ ﺃﺣﻀﺮﺕ ﻟﺰﻭﺟﺘﻲ ﺧﺎﺩﻣﻪ ﺣﺘﻰ ﺗﻌﻴﻨﻬﺎ ، ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻧﺎ ﺃﺣﺮﺹ ﺃﻥ ﺁﻛﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺃﻃﻤﺌﻦ ﻋﺸﺎﻥ ﺍﻟﺴﻜﺮ
ﺯﺍﺩ ﺇﻋﺠﺎﺑﻲ ﻭﻣﺴﻜﺖ ﺩﻣﻌﺘﻲ ! ﺍﺧﺘﻠﺴﺖ ﻧﻈﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻇﺎﻓﺮﻫﺎ ﻓﺮﺃﻳﺘﻬﺎ ﻗﺼﻴﺮﺓ ﻭﻧﻈﻴﻔﺔ
، ﻗﻠﺖ : ﺃﻇﺎﻓﺮﻫﺎ ؟ ﻗﺎﻝ : ﺃﻧﺎ ، ﻭﻗﺎﻝ ﻳﺎ ﺩﻛﺘﻮﺭﺓ ﻫﻲ ﻣﺴﻜﻴﻨﺔ !
ﻧﻈﺮﺕ ﺍﻷﻡ ﻟـﻮﻟﺪﻫﺎ ﻭﻗﺎﻟﺖ : ﻣﺘﻰ ﺗﺸﺘﺮﻱ ﻟﻲ ﺑﻄﺎﻃﺲ !؟
ﻗﺎﻝ : ﺳﻤﻲ ﺃﻟﺤﻴﻦ ﺃﻭﺩﻳﻚ ﺍﻟﺒﻘﺎﻟﺔ !
ﻃﺎﺭﺕ ﺍﻷﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﺡ ﻭﻗﺎﻟﺖ : ﺃﻟﺤﻴﻦ .. ﺃﻟﺤﻴﻦ !
ﺍﻟﺘﻔﺖ ﺍﻻﺑﻦ ﻭﻗﺎﻝ : ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺇﻧﻲ ﺃﻓﺮﺡ ﻟﻔﺮﺣﺘﻬﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻓﺮﺣﺔ ﻋﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ .. " ﺳﻮﻳﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﺃﻛﺘﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻠﻒ
ﺣﺘﻰ ﻣﺎ ﻳﺒﻴﻦ ﺃﻧـّﻲ ﻣﺘﺄﺛﺮﺓ " !
ﻭﺳﺄﻟﺖ : ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻏﻴﺮﻙ ؟ , ﻗﺎﻝ : ﺃﻧﺎ ﻭﺣﻴﺪﻫﺎ ﻷﻥ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪ ﻃﻠﻘﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺷﻬﺮ .. ﻗﻠﺖ : ﺃﺟﻞ ﺭﺑـّﺎﻙ ﺃﺑﻮﻙ ؟ .. ﻗﺎﻝ : ﻻ
ﺟﺪﺗﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﻋﺎﻧﻲ ﻭﺗﺮﻋﺎﻫﺎ ﻭﺗﻮﻓﺖ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺮﺣﻤﻬﺎ ﻭﻋﻤﺮﻱ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮﺍﺕ !
ﻗﻠﺖ : ﻫﻞ ﺭﻋﺘﻚ ﺃﻣﻚ ﻓﻲ ﻣﺮﺿﻚ ﺃﻭ ﺗﺬﻛﺮ ﺃﻧﻬﺎ ﺍﻫﺘﻤﺖ ﻓﻴﻚ ؟ ﺃﻭ ﻓﺮﺣﺖ ﻟﻔﺮﺣﻚ ﺃﻭ ﺣﺰﻧﺖ ﻟﺤﺰﻧﻚ ؟ ﻗﺎﻝ :
ﻳﺎﺩﻛﺘﻮﺭﺓ ، ﺃﻣﻲ ﻣﺴﻜﻴﻨﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻱ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻴﻦ ﻭﺃﻧﺎ ﺷﺎﻳﻞ ﻫﻤﻬﺎ ﻭﺃﺧﺎﻑ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﺃﺭﻋﺎﻫﺎ ..
ﻛﺘﺒﺖ ﺍﻟﻮﺻﻔﺔ ﻭﺷﺮﺣﺖ ﻟﻪ ﺍﻟﺪﻭﺍﺀ ..
ﻣﺴﻚ ﻳﺪ ﺃﻣـّﻪ , ﻭﻗﺎﻝ : ﻳﻠﻼ ﺃﻟﺤﻴﻦ ﺍﻟﺒﻘﺎﻟﺔ ... ﻗﺎﻟﺖ : ﻻ ﻧﺮﻭﺡ ﻣﻜـّﺔ ! .. ﺍﺳﺘﻐﺮﺑﺖ ! , ﻗﻠﺖ : ﻟﻬﺎ ﻟﻴﻪ ﺗﺒﻴﻦ ﻣﻜﺔ ؟
ﻗﺎﻟﺖ ﺑﺮﻛﺐ ﺍﻟﻄﻴﺎﺭﺓ !
ﻗﻠﺖ : ﻟﻪ ﺑﺘﻮﺩﻳﻬﺎ ﻟـ ﻣﻜّﺔ ؟ , ﻗﺎﻝ : ﺇﻳﻪ .. ﻗﻠﺖ : ﻫﻲ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺣﺮﺝ ﻟﻮ ﻟﻢ ﺗﻌﺘﻤﺮ ، ﻟﻴﻪ ﺗﻮﺩﻳﻬﺎ ﻭﺗﻀﻴّﻖ ﻋﻠﻰ
ﻧﻔﺴﻚ ؟ , ﻗﺎﻝ : ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻔﺮﺣﺔ ﺍﻟﻠﻲ ﺗﻔﺮﺣﻬﺎ ﻻ ﻭﺩﻳﺘﻬﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﺃﺟﺮ ﻋﻨﺪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﺗﻲ ﺑﺪﻭﻧﻬﺎ ..
ﺧﺮﺟﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻴﺎﺩﺓ ﻭﺃﻗﻔﻠﺖ ﺑﺎﺑﻬﺎ ﻭﻗﻠﺖ ﻟﻠﻤﻤﺮﺿﺔ : ﺃﺣﺘﺎﺝ ﻟﻠﺮّﺍﺣﺔ ، ﺑﻜﻴﺖ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻗﻠﺒﻲ ﻭﻗﻠﺖ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ ﻫﺬﺍ
ﻭﻫﻲ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﻪ ﺃﻣﺎً ..
ﻓﻘﻂ ﺣﻤﻠﺖ ﻭﻭﻟﺪﺕ ﻟﻢ ﺗﺮﺑﻲ ﻟﻢ ﺗﺴﻬﺮ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﻭﻟﻢ ﺗُﺪﺭﺳﻪ ﻭﻟﻢ ﺗﺘﺄﻟﻢ ﻷﻟﻤﻪ ﻟﻢ ﺗﺒﻜﻲ ﻟﺒﻜﺎﺋﻪ ﻟﻢ ﻳﺠﺎﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﻮﻡ ﺧﻮﻓﺎ
ﻋﻠﻴﻪ , ﻟﻢ .. ﻭﻟﻢ .. !
ﻭﻣﻊ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺮ!
ﻫﻞ ﺳﻨﻔﻌﻞ ﺑﺄﻣﻬﺎﺗﻨﺎ ﺍﻷﺻﺤﺎﺀ .. ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺑﺄﻣﻪ ﺍﻟﻤﺘﺨﻠﻔﺔ ﻋﻘﻠﻴـًّﺎ