قال الامام الجواد (عليه السلام):*نعمة*لا*تشکر:*کسيئة*لا تغفر.*
دلالة الحديث الحديث اعلاه يتضمن تشبيهاً سنعرض لبلاغته بعد قليل الا ان ما يتعين علينا الآن من الملاحظة هو: المقارنة بين النعمة وبين السيئة، والسؤال هو: ما هي الصلة المضادة او المماثلة بين النعمة وبين السيئة؟ ان السيئة هي: ممارسة الذنب، والذنب اذا عزم الشخص علي عدم العودة إليه، فان الله تعالي يغفر لعبده الذنب: وهو ما تطفح به النصوص القرآنية الکريمة والاحاديث الشريفة، ولکن الملاحظ هنا ان العبارة التي استخدمها الامام الجواد (عليه السلام): (سيئة لا تغفر) تلفت النظر حقاً، حيث يتساءل احدنا قائلاً: وهل ثمة سيئة لا تغفر؟النصوص تشير الي ان الشرک مثلاً، أو الحقوق الشخصية التي يمتلکها الشخص: ويغصبها آخر، فان السيئة المذکورة اي: أکل مال الاخر او حقوقه مطلقاً لا*تغفر*الّا اذا تنازل عنها الشخص المغصوب حقه.*ومع ذلک نتساءل: کيف نقارن بين*نعمة*لا*تشکر*وسيئة لا تغفر؟الجواب: ان النعمة هي ما يغدقها تعالي علي عبده، حيث أمرتنا النصوص الشرعية بان نشکره تعالي علي نعمه التي لا تحصي.*فاذا لم يشکر العبد الله تعالي علي نعمه فهذا معناه: انه يجحدها، والجحد يتماثل مع الکفر من حيث کونه: لا يقرّ بالنعمة.
بلاغة الحديث والسؤال هو: ان النصوص الشرعية تتجه في کثير منها الي التعبير المجازي او الصوري لتعميق الحقائق التي يستهدفها النص الشرعي، ويستهدف توصيلها الي الآخرين. حينئذ ماذا نستلهم من الصورة التشبيهية المذکورة، اي: المماثلة بيد*نعمة*لا*تشکر*وسيئة لا تغفر؟*من البين ان التشبيه هو: وسيلة الي تعميق الحقيقة، فعند ما يشبّه، النص الشرعي النعمة غير المشکور عليها بالذنب غير المغفور له، فان الهدف هو: تعميق الحقيقة المتصلة بالنعمة وضرورة الشکر عليها، لان الشخصية غير الشاکرة: يخيم البعد الانساني في قلبها وتتحول الي کائن لا انسانية لديه، واذا کان کذلک: حينئذ فان السيئة الحاصلة من عدم الشکر: تعني: عدم غفرانها: مادام البعد او الاحساس الانساني لا غائماً في اعماق هذا الشخص، من هنا، فان التشبيه المذکور يظل حافلاً ببلاغة فائقة، من حيث کونه يدمج عدم الشکر مع صدور السيئة، ولکن بملاحظة عدم غفرانها: لان عدم الشکر هو عدم ما يماثله وهو الغفران.*