يحكى انه كان في قديم الزمان ملك و كان له وزير لكن العلاقة بينهما كانت تفوق امور السياسة و شؤون الحكم فقد كان يضرب بهما المثل في المحبة و الصداقة و هما نادرا ما يفارقان بعضهما و كل واحد منهما يعرف صاحبه اكثر من نفسه و حدث ذات مرة قرر الملك و صاحبه أن يخرجا للصيد كعادتهما لكن هذه المرة حدث ما لم يكن في الحسبان و لم تكن هذه المرة كسابقاتها أبدا إذ ان الملك و اثناء تهيئه للخروج لرحلة الصيد أصاب أصبعه فسال دم كثير منها و عند معاينة الطبيب للاصابة اكد انه لا مفر من قطع الأصبع فصدم الملك و امام هذا المصاب كان الملك ينتظر أن تكون الصدمة أشد على صديقه الوزير لكن هذا الأخير و رغم تأثره لما حدث إلا ان أبان عن صبر و حكمة كبيرين إذ خاطب الملك قائلا : " يا صديقي ما أصابك ما كان ليخطئك " ثم اضاف " عسى أن يكون في ذلك خير .." و هنا ثارت ثائرة الملك و اعتبر ذلك اهانة له و استصغار للمصاب بل و خيانة عظمى للعشرة و الصداقة و في لحظة غضب أصدر الملك حكمه بعزل الوزير بل وسجنه إلى اجل غير مسمى.......لكن الوزير المتبصر بالأمور رضي بالامر الواقع و توجه إلى السجن رفقة الحراس بقلب راض و لسان حاله يقول : " عسى أن يكون في ذلك خير"
و دارت الأرض حول نفسها مرات و حول الشمس مرات و مرت الأيام و السنون و في احدى المرات خرج الملك للصيد و لكن هذه المرة بمفرده و بدون الوزير الموجود في السجن و أثناء هاته الرحلة وقع الملك في يد رجال إحدى القبائل الوثنية الذين قرروا تقديمه كقربان لآلهتهم و عندما وصلوا به إلى الآلهة و هو يعد لحظاته الأخيرة انتبه أحدهم إلى اصبعه المقطوعة فتم اطلاق سراحه لأن القربان ناقص و به عيب و في هاته اللحظة انهمرت دموع الملك و هو يتذكر ما قاله الوزير و انطلق يسابق الريح من أجل اطلاق سراح صديقه و عندما وصل عانقه بحرارة و قص عليه ما حدث معه فأخبره الوزير أنه أصبح أكثر قناعة بموقفه لأنه ببساطة لو لم يكن بالسجن لكان رفقة الملك في رحلة الصيد و لكان هو القربان بدل الملك .